يُعدّ الدين الإسلامي أعظم ما يُقدّسه المسلم، فهو أساس العقيدة، ومنهج الحياة، وسرّ النجاة في الدنيا والآخرة. ولهذا كان التعرض للدين أو شعائره أو رموزه بالسخرية والاستهزاء أمرًا بالغ الخطورة، لا يستهان به شرعًا ولا عقلًا.
أولًا: تعريف الاستهزاء بالدين
الاستهزاء بالدين هو السخرية من شيء يتعلق بالإسلام، سواء أكان ذلك من الله عز وجل، أو من القرآن الكريم، أو من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من الشريعة الإسلامية وأحكامها، أو من أهل الدين والصلاح بسبب تمسكهم بدينهم.
ثانيًا: حكم الاستهزاء بالدين
أجمع العلماء على أن الاستهزاء بشيء من الدين كفرٌ مخرجٌ من الملة، إذا كان المستهزئ عالِمًا بما يقول، مختارًا غير مكره، قاصدًا للسخرية. قال الله تعالى في سورة التوبة:
“قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ”
[التوبة: 65-66]
وهذا نص صريح في أن الاستهزاء بالله أو برسوله أو بآياته هو كفرٌ أكبر، ولو كان على سبيل المزاح أو بدون قصد الكفر، لأن هذه الأمور لا تُستهزأ بها بحال.
ثالثًا: صور من الاستهزاء بالدين
-
السخرية من أحكام الشريعة، كالحجاب أو الصلاة أو اللحية.
-
التهكم من القرآن أو الأحاديث النبوية.
-
الاستهزاء بأشخاص فقط لأنهم ملتزمون بالدين.
-
الترويج لنكات أو محتويات إعلامية تستهزئ بالإسلام.
كل هذه الصور داخلة تحت مسمى الاستهزاء، وهي محرّمة شرعًا وقد توصل صاحبها إلى الكفر إن لم يتب.
رابعًا: موقف المسلم من الاستهزاء بالدين
-
يجب على المسلم أن يُنكر الاستهزاء إذا سمعه، فإن لم يستطع وجب عليه مفارقة المجلس.
-
قال تعالى:
“وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ…”
[النساء: 140]
خامسًا: التوبة من الاستهزاء بالدين
من وقع في هذا الذنب الخطير فعليه أن يبادر بالتوبة النصوح، ويُقرّ بخطئه، ويُقلع عنه فورًا، ويندم على ما بدر منه، ويجدد إيمانه، وينطق بالشهادتين، ويُكثر من الأعمال الصالحة.
ختاما، الاستهزاء بالدين من الأمور التي لا تُحتمل، ولا يُتهاون فيها، لأن فيها تعديًا على جناب الله عز وجل، وعلى شريعته، وعلى نبيه الكريم. والمسلم الحق هو الذي يوقّر دينه، ويغار عليه، ويدافع عنه بكل ما يستطيع، ولا يرضى أبدًا أن يكون الدين مادة للسخرية أو المزاح.
التعليقات